ماهية قواعد الحرب وأهميتها وأهدافها

موجز الاخبار

ماهية قواعد الحرب وأهميتها وأهدافها

 بسم الله الرحمن الرحيم

ماهية قواعد الحرب وأهميتها وأهدافها 

 اعداد المستشار القانوني
 نشأت عبد الرؤوف فرج الله
nashatrauf@hotmail.com 
 حاصل على ماجستير القانون التجاري
من جامعة النيلين
 للسيرة الذاتية أضغط هنا 

هل للحرب قواعد كما السلم؟ وماهي تلك القواعد القانونية التي تحكم الحرب، وما هي أهمية تلك القواعد وأهدافها؟

قوانين أو قواعد الحرب تندرج تحت ما يسمى بـ "القانون الدولي الإنساني" وينظمه اتفاقيات جنيف الأربعة والبرتوكولات الإضافية ويعرف بأنها: " مجموعة القواعد القانونية الدولية التي تقوم بتحديد ما يمكن فعله وما يمكن تركه وقت النزاعات المسلحة ".

وماهي أهداف هذه القواعد التي تنظم الحرب؟

من أسمى هذه الأهداف هو التمييز بين المقاتلين والمدنيين وتقديم الحماية للمدنيين وإنقاذ ارواحهم عبر منظمات طوعية مثل الصليب الاحمر والحفاظ على قدر من الإنسانية والتخفيف عن معاناة المدنيين وتوفير ابسط سبل العيش لهم والحد من اثار الحرب.

لمن تقدم اتفاقيات جنيف والبرتوكولات الأربعة الإضافية الحماية؟

 تنظم اتفاقيات جنيف والبرتوكولات الأربعة الإضافية السلوك الإنساني اثناء الحروب وكل اشكال النزاعات المسلحة وتقدم تلك الاتفاقيات الحماية حصراً وعلى وجه التحديد نوعين من الأشخاص: -

(١) المدنيين الذين لا يشاركون في الاعمال العدائية من (المدنيون، وعمال الصحة، وعمال الإغاثة والوحدات الدينية، والوحدات الطبية، ووسائل النقل الطبي، وغيره) بما في ذلك الأراضي المحتلة.

(٢) المقاتلين الذين كفوا وامتنعوا وتوقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، ووضعوا أسلحتهم أرضاً من (الجرحى، والمرضى، وأسرى الحروب، والجنود الناجين من السفن الغارقة).

قديماً كانت اتفاقيات جنيف التي اعتمدت قبل سنة 1949م كانت تنصب فقط لحماية المحاربين دون المدنيين ونتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تعرضت له المدنيين اثناء الحرب العالمية الثانية والعواقب الوخيمة التي نتجت عن غياب اتفاقية تحمي المدنيين اثناء الحروب ولكل ذلك اخذت الاتفاقية المعتمدة في العام 1949م في اعتبارها حماية المدنيين متخذة من تجارب الحرب العالمية الثانية وتعزيزا وامعاناً لحماية المدنيين وضمت الاتفاقية في اعتمادها في العام 1949 م عدد (١٥٩) مادة وتضمنت لمادة قصيرة تٌعنى بحماية المدنيين عموماً دون التطرٌق لمسألة الأعمال العدائية في حد ذاتها وتصدت لها البروتوكولين الإضافيين لعام 1977م وتضمنت لوضع الأشخاص المحميين و معاملتهم و وضع الأجانب وأحكام الإغاثة الإنسانية وتضمنت ثلاث ملحقات تضم نموذج اتفاقية بشأن المستشفيات والمناطق والمسارات الآمنة, بالإضافة للوائح نموذجية بشأن الإغاثة الإنسانية, وبطاقات نموذجية.

وتعترف وتعزز تلك الاتفاقيات من قيمة الشارات المميزة التي تحمله الملحقين الإعلاميين وموظفي الصحة ورجال الدين.

ماهي الإجراءات التي تدعوا اتفاقيات جنيف وبرتوكولاتها؟

تدعوا اتفاقيات جنيف وبرتوكولاتها الإضافية الى تحديد حزمة من الإجراءات التي يتعين اتخاذها منعاً وللحيلولة دون حدوث ثمة انتهاكات أو الحد منها ومن آثارها وتتضمن لقواعد صارمة للتصدي لما يعرف بـ " الانتهاكات الجسيمة أو الخطيرة " ويتعين التحقيق والتقصي عن الأشخاص المرتكبين لتلك الانتهاكات وتقديمهم لمحاكمات عادلة أو تسليمهم لمحاكم إقليمية أو دولية بصرف النظر عن جنسياتهم، ولا سيما أن تلك الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ويمكن محاكمة مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة ولو بعد عقود من الزمان.

وتضم تلك الاتفاقيات بين طياته (٤٦) مادة وحلت هذه الاتفاقية محل اتفاقية لاهاي لسنة 1907م، ولا تختلف كثيرا عن مبادئ اتفاقية جنيف التي كانت تطبق في حالة الحروب البحرية من حيث المحتوى والهيكلة، وتضم الاتفاقية ملحقًا يحتوي على نموذج بطاقة خاص بالموظفين الطبيين والدينيين.

وحلت أيضا هذه الاتفاقيات محل اتفاقية أسرى الحرب لسنة 1929م وتم توسيع نطاق فئات الأشخاص الذين يمكن وصفهم بأسرى جرب والأشخاص الذين يحق لهم التمتع بوضع أسرى الحرب ووضعت تعريف أدق لظروف الاسر والاعتقال ومكان الاعتقال وما يتعلق بأعمال أسري الحرب ومواردهم المادية ومصادر الإعانات التي يمكن ان تصل إليهم وطرق تقديمهم للعدالة وتناولت مبادئ إطلاق سراح الاسرى وطريقة تبادل الاسرى بين الأطراف المتقاتلة وطرق اعادتهم الى بلادهم وأوطانهم.

هل تشمل اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها حالات النزاعات المسلحة غير الدولية؟

الإجابة، نعم شملت اتفاقيات جنيف الأربعة تقدماً الى ان شملت حالات النزاعات المسلحة غير الدولية وذلك مثل حركات التمرد من قبل مليشيات متمردة مسلحة و الجيوش النظامية كالقوات المسلحة للدول، واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية عرفت في المادة الأولى منها المحاربون بعبارة  " إن قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها لا تنطبق على الجيش فقط، بل تنطبق أيضاً على أفراد الميليشيات والوحدات المتطوعة التي تتوفر فيها الشروط التالية:

1- أن يكون على رأسها شخص مسئول عن مرؤوسيه؛

2- أن تكون لها شارة مميزة ثابتة يمكن التعرف عليها عن بعد؛

3- أن تحمل الأسلحة علناً؛

4- أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وأعرافها.

في البلدان التي تقوم الميليشيات أو الوحدات المتطوعة فيها مقام الجيش، أو تشكل جزءاً منه تدرج في فئة الجيش."

وتشمل اتفاقيات جنيف الأربعة هذه النزاعات رغما عن انها تعتبر نزاعات مسلحة غير دولية، وتنص المادة ( 3 ) المشتركة على بعض  القواعد الأساسية التي لا يجوز استثناء أياً من أحكامها, حيث يمكن اعتبارها كاتفاقية مصغرة ضمن الاتفاقيات الأربعة و تضم القواعد الأساسية لاتفاقيات جنيف في صيغة مكثفة, وتُطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية كالحرب علي التمرد الداخلي  وتطالب هذه الاتفاقيات بمعاملة إنسانية لجميع الأشخاص المعتقلين والأسرى عند العدو وعدم التمييز ضدهم أو تعريضهم للأذى والانتهاكات الجسيمة وتحرم على وجه التحديد القتل خارج القانون , والتشويه والمثلة بالجثث , والتعذيب, والمعاملة القاسية, واللا إنسانية, والمهينة لبني الانسان المكرم في كل الأعراف والأديان , واحتجاز الرهائن, والمحاكمة غير العادلة وغيره من المسائل المنافية لأدبيات واخلاقيات الحرب.

ولما كانت معظم النزاعات المسلحة في الوقت الراهن نزاعات غير دولية محلية فإن تطبيق المادة (3) المشتركة أمر من الأهمية بمكان، ويقتضي ضرورة احترامها بالكامل.

يجب تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة غير الدولية لتميز أكثر النزاعات المنتشرة حاليا بطابعها المحلي غير الدولي وقد تشمل العمليات الحربية والعدائية بين القوات المسلحة الوطنية الحكومية وجماعات ومليشيات منظمة متمردة على الدولة من غير الدول او تلك النزعات التي تشتعل بين تلك الجماعات المسلحة والمنظمة او بين بعض أفراد ومليشيات منقسمة بين تلك الجماعات مع بعضها البعض.

ماهي تحديات وضمانات تطبيق القانون الدولي الإنساني التي تفرضه النزاعات المسلحة المعاصرة؟

يمكن القول أن التحدي الرئيسي يكمن في تعريف تلك الأطراف و الجماعات المسلحة والمتناحرة إضافة الى الاتي: - 

(١) التحضر في النزاعات المسلحة واستخدام تقنيات وأساليب الحرب الجديدة والمتطورة واستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب والنزاعات وعواقبها الإنسانية المدمرة.

(٢) الصعوبة في توفير احتياجات المدنيين في النزاعات المسلحة التي تطول أمدها بشكل متزايد إضافة لتغيير المناخ والبيئة في الصراعات المسلحة.

(٣) من أكبر التحديات تكمن في توفير الحماية للجماعات المسلحة من غير الدول لافتقارهم لوحدة القيادة وعدم المؤسسية والهيكلية لتلك الجماعات إضافة الى عدم تدريبهم وعدم درايتهم بقواعد الحرب بالإضافة للأمية التي تكون مستشر حتى في قيادات تلك الجماعات لعدم تلقيهم لدراسة العلوم العسكرية في الكليات الحربية.

(٤) مكافحة الإرهاب لحمل الجماعات الإرهابية أفكار أيدلوجية قد تكون ضارة.

(٥) عمليات الحصار التي قد تفرض لبعض المناطق المأهولة بالسكان مع عدم السماح بفتح مسارات آمنة لإجلاء المدنيين والعالقين ولا سيما حماية الأشخاص ذوي الإعاقة إضافة الى صعوبة توصيل الامدادات الطبية والغذائية التي تلك المناطق المحاصرة.

(٦) حرب المدن او القتال داخل مدن مأهولة بالسكان المدنيين وهذا الامر يخلق عدد من التحديات يمكن اجمالها في التالي: 

صعوبة تطبيق القانون الدولي الإنساني بشأن سير الاعمال العدائية لفقدان القيادة والتواصل وصعوبة عمل إيقاف الاعمال العدائية أو ما يسمي بـ الهدنة إضافة لصعوبة التمييز بين المقاتلين والمدنيين والتناسب والاحتياط مما يصعب معه حماية المدنيين في ساحات الاقتتال الحضرية ولا سيما لاحتماء بعض المقاتلين بالمدنيين واتخاذهم دروع بشرية. وترابط البنية التحتية الحضرية يصعب معه التفريق بين المواقع والاهداف العسكرية والبنية التحتية الحضرية.

(٧) استخدام الأسلحة الثقيلة والمتفجرة ذات التأثير الواسع وغير المحدود في المناطق المكتظة بالسكان يشكل مخاوف إنسانية وتثير إشكالات وتساؤلات حقوقية وقانونية ،حيث أن  استخدام الأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة المحرمة دولياً من أهم التحديات إضافة الى ضرورة وصعوبة اجلاء السكان وضرب الحصار والتطويق لحماية السكان المدنيين من اثار تلك المدمرات ويجب الحث على ضرورة عدم استخدام الأسلحة الثقيلة او استخدامها بما يتوافق مع القانون الدولي والإنساني.

(٨) صعوبة تأمين احتياجات النساء والأطفال والشيوخ والمرضى. إضافة الاثار المباشرة وغير المباشرة على البيئة والمناخ والغلاف الجوي. وصعوبة تعزيز سبل التوعية بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني.

(٩) صعوبة تواصل المنظمات الدولية كـ اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر مع أطراف النزاع المسلح، إضافة لاستهداف بعض الجيوش الغير منظمة والمتفلتة لأفراد الإغاثة والمنظمات والكوادر الطبية جهلاً منهم بقواعد الحرب.

مجال تطبيق اتفاقيات جنيف، أي ما هي الدول التي تنطبق عليها اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها؟

القانون الدولي الإنساني هو قانون ذو طابع عالمي. وقد صادقت عدد (196) دولة على اتفاقيات جنيف الأربعة التي تُعتبر حجر الزاوية للقانون الدولي الإنساني. ولم يحظ سوى عدد قليل جدا من المعاهدات الدولية بهذا المستوى من الانتشار والدعم مما يؤكد على أهمية هذه الاتفاقيات ومن الدول الموقعة والمصادقة على هذه الاتفاقية الاتي: السودان(صادقت بتاريخ ٢٣/٩/١٩٥٧م) الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وسوريا واليمن وليبيا والامارات العربية المتحدة وتركيا وجمهورية مصر العربية واثيوبيا وغيره يمكنك الاطلاع على تواريخ التوقيع والمصادقة بالضغط هنا 

التوصيات:

(١) ضرورة وضع آليات فعالة لملاحقة منتهكي قواعد القانون الدولي الانساني أمام المحاكم الجنائية الدولية والإقليمية وتوفير الضمانات الكافية لتنفيذ القانون مع ضمان عدم تفلت مجرمي الحرب من العقاب حتى يشكل الردع العام.

(٢) الحد من انتشار الإرهاب والأفكار التي من شأنها ان تشعل الحروب، إضافة الى ضرورة التوزيع العادل للثروة والسلطة وضرورة نشر الوعي والتعليم ومجانية التعليم، والحد من التسرب من المدارس بتأمين ابسط سبل العيش الكريم.

(٣) توفير بيئة سياسية داعمة للأمن والسلام والطمأنينة وتوفير إرادة سياسية جادة من الدول للحيلولة دون انتهاك القانون الدولي الإنساني، ضرورة اعتماد الدول لقانون يكفل حماية شارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ووضع آلية فعالة لملاحقة منتهكي قواعد هذا القانون.


المصادر والمراجع: 

(١) اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949م  والبروتكولين الإضافيين للعام 1977 م.

(٢) اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية.


 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -