ضوابط حيازة النقد الاجنبي في السودان

موجز الاخبار

ضوابط حيازة النقد الاجنبي في السودان

ضوابط حيازة النقد الاجنبي في السودان 
د. مصطفى محمدين العوض سليمان
محامي ومستشار قانوني - متخصص في القضايا الجمركية
عميد شرطة (م) بهيئة الجمارك السودانية
للتواصل بريد إلكتروني : mustmohaboo31@gmail.com
هاتف :249912393556+
للاطلاع على السيرة الذاتية للدكتور أضغط هنا

 إن معيار قياس مدلول النص القانوني ليتطابق مع تصرفات الشخص مرتكب الفعل المجرم بموجب النص القانوني يقدم على أساس التفسير الصحيح لعبارات وعناصر النص وصولاً إلى ما قصده المشرع من وجود ذلك النص.
ــ بالنظر إلى النص الرئيس في الاتهام والإدانة في هذه المحاكمة نجد أن النص يتحدث في عنوانه عن التعامل بالنقد الأجنبي في عدد المصادرة 6 من لائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي 2013م مقروءة مع البند (ب) من الفقرة (1) من المادة وهي المعنية بما توصلت إليه محكمة الموضوع للارتباط بموضوعية موافقة محافظ البنك المركزي بشأن التعامل بالنقد الأجنبي بما جاء بالفقرة (ب) والتي تتحدث عن تصدير واستيراد النقد فهل يشمل هذا الاستيراد أو التصدير حيازة المسافر للنقد الأجنبي عند قدومه أو مغادرته وهل قصد المشرع بهذا النص تقييد حيازة المسافرين للنقد الأجنبي خروجاً ودخولاً إلى السودان ؟
للإجابة على هذه الأسئلة أوضح الأتي :
قصد المشرع  من النص توصلت له محكمة الموضوع عبر التفسير القانوني الضيق الذي لا يستصحب كل المسائل الفنية والاقتصادية والسياسية التي يتبناها البنك المركزي وهو المشرع لهذه اللائحة حيث أن البنك المركزي ووفقاً لخطاب واضح وصريح ما اشتمل عليه هذا الخطاب يمثل سياسة البنك المركزي بل السودان كدولة فيما يتعلق بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والذي أوضح فيه السيد المحافظ بصورة جلية سياسة الدولة والبنك المركزي فيما يلي دعم مبدأ حرية الحيازة للنقد الأجنبي كأساس اختصاص يلي البنك المركزي وأنه ليس من حق أي جهة التدخل في وضع قيود عليه كما أشار إلى حرية حيازة المسافرين للنقد الأجنبي خروجاً ودخولاً دون تحديد سقف محدد وأيضاً على الرقابة على جرائم غسل الأموال قائمة وفقاً لقانون مكافحة غسيل الأموال للفحص والتحري والمحاسبة في حالة وجود شبهة غسل أموال من خلال حيازة المسافرين وذلك باعتباره عملاً احترازياً لضبط حركة النقد الأجنبي وأشار في هذا الخطاب صرامة إلى أن يرد المال لصاحبه متى لم يثبت بشأنه شبهة غسيل أموال.
هذا الخطاب والذي كان صدوره في عام 2012م أي قبيل صدور اللائحة ولكن بالرجوع للائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي 1999م والتي كان معمولاً بها حتى صدور لائحة 2013م نجد أن نفس النص المادة 6/1/ب كان موجوداً وصدر الخطاب بشأنها حيث أن سلطات الجمارك كانت تنفذ ضبطيات النقد الأجنبي بموجبه وصدور لائحة 2013م لم يعدل أو يلغي في النص وجاء كما هو، وجميع السوابق القضائية المشار إليها في هذه المحاكمة صادرة بموجبه وبشأنه، فما الجديد الذي جاء بلائحة 2013م ليلغي ما صدر من أحكام قضائية بعدم علاقة النص بالمسافرين طالما لم يقيد البنك المركزي حيازتهم ولم يضع لها سقفاً مطلقاً إضافة إلى أن هذا الخطاب يعكس التفسير الصحيح لمفهوم النص والمقصد الذي وصى إليه المشرع بصورة واضحة دون لبس وبالتالي ما جاء به بعد هو قصد المشرع من النص وليس ما توصلت إليه محكمة الموضوع من تفسير.
ــ ما صدر من إفادات من البنك المركزي وخصوصاً الإفادة الخاصة بالسقف المحدد للمسافرين بحيازته للسفر وقد صدرت هذه الإفادة بتاريخ ــ/ــ/2020م وأشارت بجلاء إلى عدم وجود قيود من البنك المركزي على حيازة المسافرين للنقد الأجنبي لا وفقاً لقانون النقد الأجنبي 1981م ولا لائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي 2013م . إذاً هذه الإفادة تؤكد بوضوح سريان ما اشتمل عليه خطاب السيد محافظ البنك المركزي الصادر 2012م وتؤكد على سلامة ما جاء من قرارات قضائية وفقاً للسوابق القضائية المرفقة بمحضر الدعوى وهي على سبيل المثال لا الحصر .
ــ ما جاء بكتيب ضوابط النقد الأجنبي 2014م وهو صادر بعد صدور اللائحة المشار إليها وبالفصل الخامس أولاً من هذا الكتيب جاء فيه " يسمح للمسافرين عند المغادرة والقدوم عبر المطارات والمواني بحمل أي كمية من العملة دون الإعلان عنها " وهذا لوحده يخالف ما توصلت إليه محكمة الموضوع بوجوب موافقة محافظ البنك المركزي لحيازة دولار واحد صحبة المسافر وإلا اعتبرت الأمر مخالف للقانون وعلى السياق العام من خلال العلم القضائي معلوم أن لابد للمواطن السوداني عند خروجه من السودان أن تكون بحيازته نقد أجنبي لسهولة التعامل بالدولة الأجنبية المغادر إليها وفي ظل عدم وجود سقف محدد لهذه الموافقة يعتبر مبلغ دولار واحد يحتاج إلى موافقة وفقاً لتفسير المحكمة وهو أمر لا يطابق الواقع ولا يشمل على مقومات قانونية سليمة تستند سلامة التفسير الذي توصلت له بل أن وجود جميع البينات السابقة يعد أمر يثير الشك في سلامة انطباق النص على حيازة المسافر للنقد الأجنبي من شأنه أن يقيد مجرى الاتهام والإدانة طالما كانت المحاكمة والجريمة جنائية وتفسير ذلك الشك في مصلحة المتهم.
ــ إذا تحدثنا عن الإعلان أو الإفصاح للمسافر للسلطات الجمركية فهذا أمر قانوني آخر لا علاقة له بنص المادة 6/1/ب موضوع الإدانة حيث أن هنالك  أما (Disclosure,disclusive)  فرق قانوني ما بين الإعلان والإفصاح الإعلان عن العملة قد ألغي العمل به بواسطة البنك المركزي منذ عام 2001م أما بخصوص الإفصاح فهو أمر يرد ضمن نصوص قانون مكافحة غسل الأموال لسنة 2014م المادة 31 وشرح إدانة هذا الإفصاح وتطبيقه جاء بالمادة 3 من لائحة الإفصاح عن العملة لسنة 2015م الصادرة عن هيئة الجمارك حيث تشرح بوضوح أنه بيان يقوم المسافر بكتابته في النموذج المعد للإفصاح ليعد إفصاحاً وليس هو القول شفاهة ولم يكن في هذه الدعوى ابتداءً أي نموذج للإفصاح قدم ضمن مستندات الدعوى ولم توجه أي تهمة للمحكمة تحولها إصدار القرار المستأنف ضده لتعلق بعدم الإفصاح ابتداءً وبالتالي لا علاقة لربط عدم من الإفصاح أو الإعلان بالحصول على موافقة محافظ بنك السودان أو عدمها لحيازة المسافر وهي مناط تسبيب المحكمة لقرارها ولم تتطرق إليها بقضية الإتهام أو التحري ابتداءً.
ــ إضافة إلى ذلك نجد أن ما صدر من أمر طوارئ بالرقم 3/2019م بتحديد سقف حيازة المسافرين للنقد الأجنبي عند المغادرة من السودان لتنسف كل ما جاء بتسبيب المحكمة وما صدر عنها من قرار باعتبار أن هذا الأمر عند صدوره كانت لائحة تنظيم التعامل بالنقد موجودة وبها نص المادة 6/1/ب وبالتالي إن كان نص المادة 6/1/ب يعالج مسألة تقيد حيازة المسافرين في الأصل بالحصول على موافقة محافظ البنك المركزي من دولار إلى أعلى سقف فلا حاجة لصدور أمر يقيد حيازة المسافرين علماً بأن الأمر جاء مشدداً وبالتالي فإن الأصل أن الأمر صدر لتطبيق الإباحة المطلقة من البنك المركزي لحيازة المسافرين والتأكيد على ذلك انتهاء أجل سريان هذا الأمر منذ 10/2/2020م ومازالت سلطات الجمارك تتحدث عن أن  المسموح بحيازته هو مبلغ 3000 دولار ما حددته أمر الطوارئ المنتهي وللغرابة في الأمر أن المبلغ أو الشاكي أو الشهود في قضية الإتهام يدلون بِإفاداتهم أمام المحكمة بذلك وتعدل محكمة الموضوع كل ذلك وتذهب للإتهام والإدانة بموجب نص لم يثور حوله أي نقاش أو إفادة بقضية الإتهام مما يختلط أمر موافقة محافظ البنك المركزي مع الإفصاح مع الإفادات من المبلغ والشهود بأن الراكب مسموح له بمبلغ 300 دولار إذن أمر الموافقة للمحافظ على خروج هذا المبلغ حيث أن الأمر الذي شرعت بموجبه هذا المبلغ قد انتهى أجل سريانه.

 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -