عندما يرفع أي شخص دعوى جنائية فإن أول إجراء يتخذ في مواجهة الشخص المشكو ضده هو القبض عليه و ذلك بخلاف الدعوى المدنية التي يعلن فيها المدعى عليه بصحيفة الدعوى كي يرد عليها، و الغرض من القبض هو إجراء التحريات بالإضافة إلى ضمان تنفيذ الحكم الذي سوف تحكم به المحكمة سواء كان الحكم بالسجن أو الغرامة أو غير ذلك من العقوبات المترتبة على الجريمة موضوع الدعوى، و قد تستغرق التحريات أو المحاكمة في الدعوى وقتاً قد يمتد إلى أيام و ربما إلى شهور لذلك جاءت فكرة الإفراج عن المقبوض عليه لحين اكتمال مرحلة التحري أو المحاكمة بعد تقديم الضمان اللازم، و الإفراج بالضمان يختلف حسب طبيعة الدعوى و الجريمة محل الدعوى، فهنالك جرائم يجوز فيها الإفراج بالضمان مطلقاً، و هنالك جرائم يجوز فيها الإفراج بالضمان بشروط محددة، و هنالك جرائم لا يجوز فيها الإفراج بالضمان إطلاقا .
في هذا المقال سنلقي الضوء على موضوع الإفراج بالضمان و ذلك بتناول حالات الإفراج بالضمان و شروط الضمان و جزاء الإخلال بالضمان.
حالات الإفراج بالضمان :
أولاً : الإفراج بالتعهد الشخصي :
هو الإفراج عن المقبوض عليه بناء على تعهده بالحضور أمام الجهات المختصة بتطبيق القانون متى ما طلب منه ذلك سواء كان الحضور أمام الشرطة أم النيابة العامة أم المحكمة.
نصت على هذه الحالة المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 التي تقرأ كالآتي : يكون الإفراج بالضمان عن المقبوض عليه على النحو الاتي : ( أ) بتعهد المقبوض عليه شخصياً بالحضور مع ضمانة مالية مقدرة أو بدونها.
و الإفراج بالتعهد الشخصي في الغالب يكون في الدعاوى الجنائية ذات الطبيعة البسيطة و التي لا ترتبط بحق لشخص بعينه أي ليست من دعاوى الحق الخاص التي لابد من مراعاة مصلحة الشاكي فيها و ضمان حقه في الدعوى باشتراط حضور كافل للمتهم، و إنما تكون من دعاوى الحق العام التي للنيابة العامة فيها سلطة تقديرية في الإفراج بالتعهد الشخصي باعتبارها ممثلة الحق العام .
ثانياً : الإفراج بكفالة شخص :
هذه هي الحالة البارزة في حالات الإفراج بالضمان و يطلق عليها في الواقع العملي بالضمانة العادية، و في هذه الحالة يفرج عن المقبوض عليه بناء على ضمانة شخص يلتزم بإحضار المقبوض عليه متى ما طلب منه، و إذا فشل في ذلك فيلتزم بدفع مبلغ مالي يحدد حسب طبيعة الجريمة موضوع الدعوى الجنائية لصالح حكومة السودان.
جاءت هذه الحالة في نص المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 التي نصها كالآتي : يكون الإفراج بالضمان عن المقبوض عليه على النحو الاتي : ( ب) : بكفالة شخص آخر يضمن إحضار المقبوض عليه مع ضمانة مالية مقدرة.
ثالثاً : الإفراج بضمانة مالية :
في هذه الحالة يكون موضوع الدعوى الجنائية مبلغ مالي أو دية أو تعويض أو صك ، أي تكون الدعوى ذات قيمة مالية، ففي هذه الحالة يجب أن لا يفرج عن المتهم إلا بعد إيداع مبلغ يساوي قيمة الدعوى، و ذلك ضمانا لحق الشاكي في الدعوى، و لا يكفي الإيداع فقط بل يجب أن يتعهد بالحضور عندما يطلب منه أو أن يحضر كفيل يلتزم بإحضاره عندما يطلب منه ذلك.
وردت هذه الحالة في المادة المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 التي نصت على الآتي : يكون الإفراج بالضمان عن المقبوض عليه على النحو الاتي : ( ج) بالإيداع مع التعهد أو الكفالة.
و الإفراج بالإيداع مع التعهد الشخصي أمر نادر الحدوث و الغالب أن يكون الإفراج بالإيداع مع كفالة شخص .
رابعاً : الإفراج بضمان الوظيفة العامة :
عرفت المادة (3) من القانون الجنائي لسنة 1991م الموظف العام بأنه : كل شخص تعينه سلطة عامة لقيام بوظيفة عامة سواء كان التعيين بمقابل أو بدون مقابل، و بصفة مؤقتة أم دائمة.
إن كان المقبوض عليه موظفا عاما فلا يشترط للإفراج عنه الإيداع أو الضمانة و إنما يفرج عنه بضمان وظيفته اذا توافرت الشرطين التاليين :
1 _ أن يكون ارتكب الفعل المشكل للجريمة بحسن نيه.
2 _ أن يكون ارتكب الفعل المشكل للجريمة في سياق عمله الرسمي .
فإذا توفر هذين الشرطين فيفرج عن الموظف العام بضمان وظيفته و لا يطلب منه إحضار كفيل أو إيداع أي مبلغ و ذلك استنادا على المادة 109 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 م التي تنص على الآتي : " لا يشترط الإيداع أو الضمانة للافراج عن موظف عام ارتكب بحسن نية فعلاً في سياق عمله قد يشكل جريمة" .
شروط الضمان :
نصت المادة 110 ( 1). من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 م على هذه الشروط و التي تتلخص في الآتي :
1 _ يجب أن يتضمن التعهد الذي يؤخذ على المقبوض عليه إقراراً بتنفيذ شروط الحضور التي تأمر بها وكالة النيابة أو المحكمة ،متى طلبت منه وتحديداً لمبلغ الضمانة.
2_ أن يكون الكفيل شـخص معـروف موثوق بوفائـه وكفايته .
اعمالا لهذا الشرط و بغرض ضمان حضور المتهم حتى صدور الحكم جرى العمل على اشتراط بعض الشروط الإضافية في الكفيل ( الضامن) الآتي :
أ _ إبراز بطاقة إثبات شخصية الضامن.
ب _ إقامة الضامن داخل دائرة اختصاص القسم المختص بالدعوي الجنائية.
ج _ أن يكون لديه عمل ثابت و معروف.
عموماً مسألة تقييم الضامن في مرحلة التحريات متروكة لضابط الجنايات لأن جهاز الشرطة هو الذي ينفذ أوامر الضبط، فإن كانت هنالك مغالاة في تقييم الضامن من قبل الشرطة ، فيحق لوكيل النيابة اتخاذ ما يراه مناسبا بشأن الضامن ، أما في مرحلة المحاكمة فالقاضي هو الذي يقيم الضامن.
3 _ أن يتعهد الضامن بإحضار المقبوض عليه متى ما طلب منه و في حالة الإخلال يلتزم بدفع مبلغ محدد لصالح حكومة السودان.
4 _ يراعي في تقدير الضمانة المطلوبة طبيعة الجريمة والضرر المترتب عليها ومقدار المال موضـوع الجريمة ، ولا يجـوز المبالغة في تقديرها.
الإخلال بالضمان :
وردت أحكام الإخلال بالضمان المادة 115 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 م، و وفقاً لهذه المادة إذا أخل من أفرج عنه بالتعهد الشخصي أو أخل الكفيل (الضامن) بضمانته فتقيد في مواجهته إجراءات جنائية فإذا ثبت وجه إخلاله فيحكم عليه بدفع مبلغ الضمانة المالية المقدرة، أو أن يبين السبب الذي يعفيه من الدفع ، فإذا لم يبد أسباباً كافية للإعفاء ولم يقم بالدفع فيجوز تحصيل المبلغ منه أو من تركتـه وذلك بالطرق المنصوص عليها لتحصيل الغرامة في هذا القانون، أما إذا لم يدفع من أخل بالتعهد أو الكفالة الضمانة ولم يمكن تحصيلها ، فيجوز للمحكمة توقيع عقوبة السجن بدلاً عنها .
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات
♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات