النزاع بين شركاء الانتقالية وتأثيره على العدالة

موجز الاخبار

النزاع بين شركاء الانتقالية وتأثيره على العدالة


د. مصعب عوض الكريم علي ادريس

 musabawed@hotmail.com 

للاطلاع على السيرة الذاتية أضغط هنا

   الخلاف الذي نشأ بين شركاء حكومة الفترة الانتقالية والتصريحات المتبادلة في الفترة الأخيرة ستؤدي في النهاية إلى تعذر استمرار الشراكة، واستحالة تسيير أمور الدولة وصعوبة انفاذ مهام أجهزة السلطة الانتقالية بصورة سليمة، على الرغم من تأكيد الوثيقة الدستورية على ضرورة خضوع جميع الأشخاص والهيئات والجمعيات لحكم القانون سواء السلطة التنفيذية أو السلطة السيادية وغيرها. هذا النزاع سينتج عنه صعوبة اجتماع الشريكين وانعقاد المجلس التشريعي المؤقت الذي يتمثل في "الاجتماع المشترك" بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء ونتيجة ذلك تتوقف عملية التشريع بصورة نهائية. هنا تظهر أهمية المطالبة وضرورة استكمال هياكل السلطة الانتقالية المتمثلة في تشكيل مجلس القضاء الأعلى والمجلس الأعلى للنيابة والمحكمة الدستورية والمفوضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية لسنة 2019م. عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية مع النزاع القائم بين الشركاء سيعصف بمستقبل الشراكة ويلحق أضراراً بليغة بالمواطن وبمستقبل العدالة في البلاد، حسم النزاع الناشئ بين الشركاء مرهون بتشكيل المحكمة الدستورية وفقاً لنص المادة (75) من الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م تعديل لسنة 2020م: (في حال نشوء نزاع بين السلطة ذات الطبيعة السيادية والتنفيذية تكون المحكمة الدستورية هي المختصة بالبت في ذلك النزاع).
   في السابق كانت المطالبة بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي "البرلمان"، والاستنكار على مجلسي السيادة والوزراء القيام بمهام التشريع استناداً لنص المادة (25/3) من الوثيقة الدستورية: (إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، تؤول سلطات المجلس لأعضاء مجلسي السيادة والوزراء يمارسونها في اجتماع مشترك وتتخذ قراراته بالتوافق أو بأغلبية ثلثي الاعضاء)، لان السلطة التشريعية المؤقتة (الاجتماع المشترك) وضعت لمجابهة ظروف استثنائية اقتضتها المرحلة وظروف ما بعد الثورة. لكن استمرار مجلسي (السيادة والوزراء) في ممارسة سلطة التشريع في غياب السلطة التشريعية الانتقالية الاصلية "البرلمان" يمثل اهدار لمبدأ الفصل بين السلطات في الدولة، كما أن مشاركة السلطة السيادية والتنفيذية في التشريع ينتج عنها "تشريعات استثنائية" لا تراعي الحقوق والحريات العامة. مع الخلاف الناشئ بين الشركاء ستكون السلطة الانتقالية المؤقتة في حالة (غياب)، لذلك لن يتم تشكيل المحكمة الدستورية بسبب عدم تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وحتى يتم تشكيل مجلس القضاء الأعلى يجب اصدار قانون مجلس القضاء الأعلى الذي بموجبه يتم انشاء المجلس ويحدد فيه عدد عضوية المجلس وسلطاته وصلاحياته ومدة ولايته وغيرها من الأمور التي ينظمها القانون.
   من المعلوم أن مراحل إصدار أي قانون حتى يصبح القانون نافذاً، يبدأ من وزارة العدل التي تقوم بوضع مسودة مشروع القانون ومن ثم احالته لمجلس الوزراء لإجازته، بعدها يتم إحالة القانون الى (المجلس التشريعي الانتقالي المؤقت) لإجازته في (الاجتماع المشترك)، فاذا اجيز القانون يتم اعتماده من "مجلس السيادة" باعتباره السلطة التي تتولى التوقيع على القوانين والتشريعات حتى تصبح نافذة. قبل فترة تم تداول مسودة مشروع قانون مجلس القضاء العالي، لكن هل تمت اجازتها من مجلس الوزراء ومن ثم احيل للاجتماع المشترك ام لا؟ لا أحد يعلم عن ذلك. علماً بأن اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد بتاريخ 26/06/2021م جاء فيه: (سيتم الفراغ من إعداد مشروع قانون مجلس القضاء العالي خلال شهر كحد أقصى من تاريخه)، هذا يعني القانون لازال في مرحلة الاعداد لدى وزارة العدل، وإعداد مشروع القانون مرحلة تسبق الاجازة من مجلس الوزراء. قانون مجلس القضاء العالي من القوانين المهمة يرتبط باستقلال السلطة القضائية "تعيين رئيس القضاء ورئيس وأعضاء المحكمة العليا" ويرتبط ايضاً بتشكيل المحكمة الدستورية " تعيين رئيس واعضاء المحكمة الدستورية" والمحكمة الدستورية ذات اهمية كبرى لاختصاصها بالنظر في دستورية القوانين والنظر في النزاع بين السلطة التنفيذية والسلطة ذات الطبيعة السيادية وحماية الحقوق والحريات العامة وتفسير النصوص الدستورية.
  عدم التوافق بين الشركاء يعني استحالة قيام "الاجتماع المشترك" بين مجلس السيادة والوزراء لإجازة قانون مجلس القضاء العالي، وعدم اجازة قانون مجلس القضاء العالي يعني عدم تشكيل المحكمة الدستورية وعدم تعيين رئيس القضاء بواسطة مجلس القضاء. كما ان غياب المحكمة الدستورية يعني الحصانة المطلقة لأعضاء مجلس السيادة ومجلس الوزراء من المقاضاة، حيث نصت الوثيقة الدستورية على عدم جواز اتخاذ اجراءات جنائية ضد أي من اعضاء مجلس السيادة او مجلس الوزراء دون اخذ الاذن اللازم من المجلس التشريعي، وفي حالة غياب المجلس التشريعي يكون رفع الحصانة من اختصاص المحكمة الدستورية. كل هذه المسائل تتصل بالعدالة وحقوق الانسان والحريات العامة المنصوص عليها في "وثيقة الحقوق" المضمنة في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966م ومنصوص عليها في اغلب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. عدم الالتزام بالوثيقة الدستورية خلال الفترة الانتقالية وعدم خضوع الاشخاص والمؤسسات لحكم القانون وعرقلة مسيرة التحول الديمقراطي يجب أن يكون من الافعال المجرمة التي ترقى لدرجة تقويض النظام الدستوري في البلاد. يجب الا يكون تقويض النظام الدستوري حصراً على الانقلاب العسكري أو استخدام السلاح لتغيير نظام الحكم فحسب، يجب تجريم أي فعل من شأنه ان يؤدي الى تعطيل مصلحة واستقرار الدولة ومؤسساتها، وأن يجرم امتناع الاشخاص او المؤسسات ورفضهم القيام بالواجب أو الالتزام القانوني المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية.   

 📌 إصدارات للمؤلف : د. مصعب علي عوض الكريم ، يمكنك شراء مؤلفات د. مصعب من هذه الروابط:

(1) "الشركة ذات المسئولية المحدودة وفقا لنظام الشركات السعودي" بالضغط هنا .

(2) "اجراءات الإفلاس وفقا لنظام الإفلاس السعودي ولائحته التنفيذية‎" بالضغط هنا
(3) حقوق المتهم في مرحلة المحاكمة. بالضغط هنا

📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا
♻️ شارك المنشور تكرما ♻️

 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -