تفسير النصوص الدستورية وغياب المحكمة

موجز الاخبار

تفسير النصوص الدستورية وغياب المحكمة


د. مصعب عوض الكريم علي ادريس

musabawed@hotmail.com

للاطلاع على السيرة الذاتية أضغط هنا

   من اختصاصات المحكمة الدستورية تفسير النصوص الدستورية والفصل في المنازعات التي يحكمها الدستور والفصل في دستورية القوانين والنصوص وفقاً للدستور والفصل في المنازعات المتعلقة بالاختصاص فيما بين اجهزة الدولة وغيرها من الاختصاصات التي نص عليها قانون المحكمة الدستورية لسنة 2005م. شركاء الحكم وحكومة الفترة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري سيدفعون ثمن غياب وعدم تشكيل المحكمة الدستورية. خاصة بعد ظهور المسألة المتعلقة بـ "تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين" والتفسيرات المتضاربة حول المسألة.

  عندما تطرأ مسألة دستورية مثل "تاريخ انتقال رئاسة مجلس السيادة للمدنيين" ويختلف شركاء الحكم فيها، يجب أن تحال هذه المسألة الى المحكمة الدستورية لتفسير المختصة بتفسير النصوص باعتبارها الجهة الوحيدة المختصة بتفسير النصوص الدستورية، وقرار المحكمة يكون في هذه المسألة نهائياً وواجب النفاذ. في غياب المحكمة الدستورية تكون هذه المسألة موضوع صراع وتشاكس لن يتم حلها بـ " الجودية" والمباركة. لذلك عندما نادينا بتشكيل المحكمة الدستورية لم يكن الامر ترف قانوني او عدم موضوعية، وجود المحكمة الدستورية أمر لازم لاستقرار حكومة الفترة الانتقالية وتحصينها من الصراع.

  الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية حددت مدة الفترة الانتقالية بـ (39) شهر، حيث نصت المادة (7/1) من الوثيقة على أن: (تكون مدة الفترة الانتقالية تسعة وثلاثون شهراً ميلادياً تسري من تاريخ التوقيع على هذه الوثيقة). علماً بان الوثيقة تم التوقيع عليها بتاريخ 20/08/2019م، بهذا فإن الفترة الانتقالية تبدأ من تاريخ 20/08/2019م وتنتهي في 20/11/2022م. وخلال الفترة الانتقالية المحددة بـ (39) شهر تكون رئاسة مجلس السيادة للعسكريين لمدة (21) شهر الأولى والـ (18) شهر المتبقية تكون الرئاسة للمدنيين كما نصت المادة (11/3) من الوثيقة الدستورية: (يرأس مجلس السيادة في الواحد وعشرين شهراً الأولى للفترة الانتقالية من يختاره الاعضاء العسكريون، ويرأسه في الثمانية عشر شهراً المتبقية من الفترة الانتقالية والتي تبدأ في السابع عشر من شهر مايو 2021م عضو مدني يختاره الاعضاء الخمسة المدنيون الذين اختارتهم قوى اعلان الحرية والتغيير). حسب نص المادة المذكورة تكون رئاسة مجلس السيادة للعسكريين في الفترة من 20/08/2019م الى 20/05/2021م ورئاسة مجلس السيادة للمدنيين في الفترة من 20/05/2021م الى 20/11/2022م.

   لكن بعد التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان بتاريخ 03/10/2020م تم ادخال اتفاق جوبا في الوثيقة الدستورية بموجب التعديل الذي تم عليها في 2020م. نصَّت الوثيقة الدستورية المعدلة على "تاريخ سريان جديد للفترة الانتقالية" تبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان في 03/10/2020م حسب نص المادة (7/1) من الوثيقة الدستورية المعدلة 2020م: (تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية، وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثون شهراً من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان) وبذلك فان بداية الفترة الانتقالية الجديدة تكون من تاريخ 03/10/2020م وتنتهي في 03/01/2024م، عليه فان فترة الـ (39) شهر تبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان في 03/10/2020م. وفقاً للوثيقة الدستورية المعدلة في 2020م فان فترة رئاسة العسكريين لمجلس السيادة تبدأ من 03/10/2020م وتنتهي في 03/07/2022م ورئاسة مجلس السيادة للمدنيين في الفترة من 03/07/2022م وتنتهي 03/01/2024م. ولم يتم الانتباه الى مسألة رئاسة مجلس السيادة أو لم يتم الاشارة اليها في الوثيقة.

   هذا إذا لم نأخذ في الاعتبار أن التعديل الذي تم على الوثيقة الدستورية في 2020م تعديل باطل دستورياً، وتم بالمخالفة للوثيقة الدستورية وجميع الاعراف الدستورية، حيث نصت المادة (78) من الوثيقة على انه: (لا يجوز تعديل او الغاء هذه الوثيقة الدستورية الا بأغلبية ثلثي اعضاء المجلس التشريعي الانتقالي). وعلى الرغم من ذلك قام مجلسي "السيادة والوزراء" بتعديل الوثيقة الدستورية على اعتبار أن الاجتماع المشترك للمجلسين يعتبر مجلس تشريعي انتقالي مؤقت يمارس سلطة التشريع في غياب المجلس التشريعي الانتقالي. وإذا سلمنا بذلك فان اصدار أو الغاء أو تعديل القوانين العادية " التشريعات" يختلف عن اصدار او الغاء او تعديل "الدستور" خاصة إذا علمنا بان الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية تتصف بالجمود ويتطلب تعديلها إجراءات معقدة و"اغلبية محددة" في المجلس التشريعي، عكس الدساتير المرنة التي يكون تعديلها او الغائها بإجراءات القوانين العادية.

   الجانب المدني في الحكومة الانتقالية يحمل مسئولية غياب المحكمة الدستورية للجانب العسكري، علماً بأن مجلس الوزراء الانتقالي يتحمل المسئولية لأنه يشارك في التشريع في غياب المجلس التشريعي، وهو الذي يبتدر التشريعات ويجيزها في اجتماع مجلس الوزراء، ويشارك في اجازة التشريعات في الاجتماع المشترك بين مجلس "السيادة – الوزراء". عموماً حتى لا يتأزم الموقف بالصراعات الدستورية، يجب الاسراع في تشكيل المحكمة الدستورية من اجل سيادة حكم القانون ودولة المؤسسات التي تتكئ على مؤسسات دستورية قوية تحسم الخلافات، وتنظم العلاقات بين مؤسسات الحكم في الدولة، وتفسر القوانين والنصوص الدستورية لمصلحة العدالة والدولة والمواطن.

 📌 إصدارات للمؤلف : د. مصعب علي عوض الكريم ، يمكنك شراء مؤلفات د. مصعب من هذه الروابط:

(1) "الشركة ذات المسئولية المحدودة وفقا لنظام الشركات السعودي" بالضغط هنا .

(2) "اجراءات الإفلاس وفقا لنظام الإفلاس السعودي ولائحته التنفيذية‎" بالضغط هنا

 🎯لمتابعة جميع المقالات والاخبار والوظائف القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات ⚖️ بالضغط هنا  أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️

 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Unknown
    Unknown 28 سبتمبر 2021 في 2:06 ص

    جميل جدا دكتور مصعب

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -