مفهوم التسليم المراقب في مجال المخدرات

موجز الاخبار

مفهوم التسليم المراقب في مجال المخدرات

 

د. مصعب عوض الكريم علي ادريس

musabawed@hotmail.com

لا شك أن المخدرات أصبحت تشكل في عصرنا الحاضر هاجساً يؤرق المجتمعات المحلية والدولية، وتؤثر على جملة الأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية على السواء، وارتبطت المخدرات بمفهوم الجريمة المنظمة العابرة للحدود(عبر الوطنية) ، ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم ، وحرية التجارة عبر الحدود التي اقرتها آليات منظمة التجارة العالمية .  

     ومصطلح "التسليم المراقب" ورد لأول مرة في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988م على أنه هو الأسلوب الذي يسمح بمرور شحنات المخدرات والمؤثرات العقلية عبر إقليم بلد أو أكثر سواء كان براً أو بحراً أو جواً وبوجود أشخاص مع هذه الشحنات أو بغيرهم بما في ذلك الشحنات والمراسلات البريدية ، حيث نصت المادة (11) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988م : (هو أسلوب السماح للشحنات غير المشروعة من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد المدرجة في الجدول الأول والجدول الثاني المرفقين بهذه الاتفاقية أو المواد التي أحلت محلها بمواصلة طريقها الي خارج إقليم بلد أو أكثر أو عبره أو الي داخله بعلم سلطات المختصة وتحت مراقبتها بغاية كشف هوية الأشخاص المتورطين في ارتكاب الجرائم) . ونصت المادة (27) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية السوداني لسنة 1994م تعديل 2002م على التسليم المراقب بقولها : (يجوز لوزير الداخلية بناء علي توصية مدير عام قوات الشرطة وبعد إخطار النائب العام أن يسمح بمرور شحنة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية علي أراضي الدولة إلي دولة مجاورة تطبيقاً لنظام المرور المراقب إذا رأى أن هذا ذلك سيساهم في الكشف عن الأشخاص الذين يتعاونون علي نقل الشحنة إلي الجهة المرسلة إليها وذلك في الجرائم المنصوص عليها في المواد 15,16,17 من القانون)

ومفهوم التسليم المراقب اصطلح عليه بـ ( المرور المراقب) وأكدت عليه عدد من الاتفاقيات الدولية قبل صدور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988م ، حيث أكدت جميع الاتفاقيات التي اهتمت بقضايا المخدرات والجريمة المنظمة على ضرورة التعاون المشترك وتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتتبع مرتكبيها وضبطهم ومعاقبتهم ، مما يعني بأن التعاون المشترك فيما بين الدول لمكافحة هذه الجريمة تضمن مفهوم التسليم المراقب قبل تعريف هذا المصطلح في اتفاقية 1988م ، ويهدف التسليم المراقب لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وغسيل الأموال " العائدات الاجرامية" على المستويين المحلي والدولي ، ويعتبر من الأدوات والأساليب التي اثبتت فعالية كبيرة للحد من هذه الظاهرة الاجرامية من خلال تبادل المعلومات بين الدول والتعاون في مجال المطاردة والملاحقة للمطلوبين وتقديمهم لمحاكمات عادلة . وينقسم التسليم المراقب الى نوعين من حيث المجال الذي يتم فيه : تسليم مراقب دولي وتسليم مراقب محلي ، ولأي من النوعين إجراءات محددة تتخذ تبعاً للمحيط الذي يمارس فيه والأنظمة القانونية التي يخضع لها .

       التسليم المراقب المحلي هو الأسلوب أو الطريقة التي تنفذ بالكامل داخل الدولة ، ولا تحتاج الدولة الى معاهدات واتفاقيات ثنائية او متعددة الأطراف لتقوم بهذا العمل ، وهو أن تتوفر معلومات عن وصول شحنة مخدرات مهربة إلى داخل الدولة أو تمر من خلالها ، وبدلا من أن تقوم السلطات المختصة بالكشف عنها والاستيلاء عليها في ميناء الوصول، تقوم الدولة بتتبع الشحنة لمعرفة مكان التسليم النهائي ومعرفة الوجهة النهائية للتسليم ذلك من اجل القبض على جميع المتورطين في العملية .

      أما التسليم المراقب الدولي او الخارجي هو أن يتم اكتشاف شحنة مخدرات في بلد ما وتكون في طريقها  الى دولة ثانية مرورا بدولة أخرى، فالاجراء الذي يتخذ في مثل هذه الحالة يتم تحديد الناقل للشحنة والتنسيق بين الدول الثلاث ( دولة المصدر – دولة العبور – دولة التسليم ) بحيث يتم التمكن من الضبط الجنائي في الدولة التي يكون فيها أكبر عدد من المتهمين او في الدولة التي تتوفر فيها الأدلة الأكثر وقانون أشد صرامة ، ويكمن نجاح هذا الأسلوب في التعاون المشترك بين الدول المعنية وتوفر المعاهدات الثنائية لمكافحة جريمة المخدرات.

      والسودان بلد واسع ومترامي الأطراف ويعتبر دولة عبور للجريمة المنظمة عبر الوطنية ، ولا نشك في الجهود التي تبذل في مجال مكافحة الجريمة عموماً وجرائم المخدرات على وجه الخصوص ، لكن مع ضعف الموارد المالية للدولة وتطور الجريمة المنظمة وبراعة شبكات الاتجار بالمخدرات وكلفة التسليم المراقب ، لا بد من تضافر جهود الدولة وضرورة التعاون الدولي في هذا المجال،  وتبادل الخبرات بين الدول والاطلاع على أحدث القضايا والملاحقات التي تمت بأسلوب التسليم المراقب ، والاطلاع على أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال ، حيث ان منهج التحري والضبط الجنائي التقليدي لا يجدي نفعاً في ظل عولمة الجريمة وشبكات الاتجار بالمخدرات . ويقع الدور الأساسي على الدولة والأجهزة القضائية والنيابة العامة والشرطة في تفعيل عمليات التسليم المراقب للمخدرات وتدريب الكوادر العاملة في مجال انفاذ القانون تدريباً كافياً يمكنهم من القيام بعمليات التسليم المراقب بتقنيات ودربة عالية للمساعدة في عدم افلات المتهمين من العقاب ، حيث ثبت بان اهم المعوقات التي تعترض عملية التسليم المراقب في السودان هو التسرع في الإجراءات ومحاولة الكشف عن الجريمة بسرعة ، ودائما هذا التسرع يؤدي الى افلات الجناة من العقاب واجهاض الجهود المحلية والدولية في سبيل ضمان عدم الإفلات . لابد من النص في قانون الإجراءات الجنائية على إجراءات واضحة ومدروسة علمياً ، يكون فيها تنسيق محكم بين جميع الجهات المختصة ذات العلاقة لمواجهة هذه الجريمة ، واستخدام أسلوب التسليم المراقب كآلية لمكافحة الجريمة  .

📌 اصدارات للمؤلف : د. مصعب علي عوض الكريم ، يمكنك شراء مؤلفات د.مصعب من هذه الروابط:

(1) "الشركة ذات المسئولية المحدودة وفقا لنظام الشركات السعودي" بالضغط هنا .

(2) "جراءات الافلاس وفقا لنظام الافلاس السعودي ولائحته التنفيذية‎" بالضغط هنا

📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا
♻️ شارك المنشور تكرما ♻️

 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -